.. ندق ناقوس الخطر
لابد ان نقدر مدى السخط الذي يعاني منه اهل النوبة ،فهناك ظلم طالما وقع بالفعل علي شعب النوبه ومن العار ان ننكره ، و هناك ثمنا باهظا من الصعب تقديره ، دفعته النوبة ثمنا لتنمية الوادي والدلتا ، وهو ظلم سبب احزانا للكثير من المصريين العادلين والمثقفين الشرفاء ،قدر ما هو حزن خص البشرية كلها عندما فقدت حضارتها جزء من مخزونها وخبرتها ، يتمثل في حضارة عميقة الجذور ، كالحضارة النوبية بكل ما أبدعته من تراث إنساني فريد لا نزال نلمس أطيافه في صور البيوت النوبية التى رسمها الفنان الراحل حسـين بيكار ، و ما دونه المعماري الشهير حسن فتحي في مقدمة كتابه (عمارة الفقراء) من اعتراف بالفضل للعمارة النوبية وخبرتها فيما وصل اليه من حلول هندسيه تخص العمارة البيئية التي كان رائدها ، اضافة الي موروثها من فنون واداب .
تلك الحضارة التي اورثت لنا في مجملها ، صورة النوبي الطيب المسـالم ، و ميزته بالامانة و الصدق .
فمن الطبيعي ان يكون الحزن مكافئا لما فقدناه .
ولكنه يبقى في النهاية كجزء من هموم المواطن المصري ، وحق من الحقوق الضائعة للاقليات .
فلا يجب ان ننكر ضرورة البحث عن حل عادل لتعويض النوبيين (كشعب) عما لحق بهم خلال الحقب الماضية ، سواء أثناء حكومات مصر تحت الاحتلال الإنجليزي ، عندما أراد المستعمر التوسع في زراعة القطن لتغذية مصانعة ،فقام بتسويق فكرة سد أسـوان للحكومة المصرية ، و الذي قام مهندسوه بإنشائه ، فأغرق الكثير من اراضي النوبه مع الارتفاع الاول لمنسوب النيل خلفه .
ثم ما جرى لاحقا ،وهو ألافدح ، أثناء الفترة الناصرية ، وبناء السد العالي في إطار خطة طموحه لتنميه الوادي ، متجاهلة مخاطر الدمار الذي يمكن أن يحدث لحضارة عريقة كحضارة النوبة بما لها من تمايز يشمل اللغات النوبية ،وفنون العمارة والموسيقى ، وأنماط اجتماعيه وعلاقات البشر مع الجغرافيا ..الح ، حيث اهتمت الدنيا وقتها بإنقاذ آثار النوبة ولم يهتم أحد علي الإطلاق بإنقاذ النوبة كشعب وحضارة ، فتم إنقاذ الحجر دون حساب البشر ، ولم يحترم الحماس القومي العربي وقتها - وكان في ذروته ، خصوصية النوبة كشعب له الحق في الحفاظ علي هويته الخاصة و التي غرقت بالكامل تحت المياه التي اجتاحت موطن النوبيين ، فكان التهجير الكبير والشامل لكل اهلها.
وهي قضيه ستظل باقيه مالم يتم إعادة توطين أهل النوبة داخل إقليمهم الجغرافي بأرادتهم الحره في اختيار المكان ونمط العيش ، بدلا من الاتيان بالوليد ابن طلال من السعوديه ، لتعمير توشـكى النوبية – كما حدث .
وعموما فتجاهل القضايا لا يحلها ،
لا تحلها سـوى شجاعة الاعتراف بالحق .